في تطور مفاجئ يعكس ارتباكًا دبلوماسيًا متزايدًا، شنّت الجزائر هجومًا لاذعًا على باكستان، بعد مؤشرات قوية صدرت عن إسلام أباد تفيد باقترابها من الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وخلال ملتقى نظمه “مجلس علماء المسلمين” بالجزائر، وصف السياسي الهندي البارز أسد الدين العويسي، رئيس مجلس اتحاد المسلمين لعموم الهند وعضو البرلمان، دولة باكستان بأنها “بؤرة للتكفير”، متهماً إياها بتصدير الأيديولوجيات المتطرفة التي تتبناها جماعات مثل داعش والقاعدة. تصريحات العويسي التي أثارت الجدل صدرت من على التراب الجزائري، في توقيت حساس يأتي مباشرة بعد لقاءات متقدمة جمعت مسؤولين مغاربة وباكستانيين في الرباط.
تقارب مغربي باكستاني يثير حفيظة الجزائر
وكان السفير الباكستاني في الرباط قد صرّح خلال شهر ماي الماضي بأن بلاده ترى في الأقاليم الجنوبية المغربية “واقعًا للتنمية والازدهار”، ملمحًا إلى تحول محتمل في موقف بلاده من قضية الصحراء المغربية، ومشيدًا بانطلاقة جديدة في العلاقات بين البلدين تشمل التعاون في مجالات الدفاع، الاقتصاد، والتكنولوجيا.
هذا التوجه الجديد من باكستان، والذي قد يتوج لاحقًا باعتراف رسمي بمغربية الصحراء، لم يرق للجزائر، التي سارعت إلى استثمار واجهات دينية وسياسية للتشويش على هذا التقارب. واختارت هذه المرة الاستعانة بخطاب ديني بلسان شخصية أجنبية، بهدف ضرب مصداقية باكستان على الساحة الدولية، وتصويرها كدولة راعية للتطرف وغير جديرة بالشراكة.
محاولات بائسة لضرب التقارب المغربي الباكستاني
المراقبون اعتبروا تصريحات العويسي امتدادًا لاستراتيجية جزائرية تعتمد على الإسقاط السياسي والمناورات الإعلامية، في وقت تعاني فيه الجزائر من عزلة دبلوماسية متزايدة بسبب فشلها في الترويج لأطروحتها الانفصالية داخل المنتديات الدولية.
وتجاهلت الجزائر، التي مرّت بتجربة مريرة خلال العشرية السوداء، تورط فصائل داخلية في دعم جماعات متطرفة، لتلجأ الآن إلى اتهام الآخرين بالإرهاب والتكفير، في محاولة يائسة لإضعاف التحالفات الجديدة التي يُراكمها المغرب على الساحة الدولية.
المغرب يعزز موقعه على الساحة الدولية
في المقابل، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كفاعل إقليمي وازن، منفتح على شركاء جدد من خارج الفضاء التقليدي، حيث باتت باكستان اليوم على خريطة حلفائه الإستراتيجيين في الجنوب العالمي. وإذا ما تُوج هذا التقارب باعتراف صريح من إسلام أباد بمغربية الصحراء، فسيشكل ذلك صفعة جديدة لأجندة الانفصال التي يرعاها النظام الجزائري.
ويأتي هذا في وقت يتسع فيه نطاق الدعم الدولي للوحدة الترابية للمملكة، إذ أعلنت المملكة المتحدة رسميًا، أمس الأحد، دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية التي قُدمت سنة 2007، معتبرة إياها أساسًا جديًا وواقعيًا لحل النزاع.
ويُذكر أن الموقف البريطاني ينضم إلى مواقف مماثلة صادرة عن كل من الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، وألمانيا، ما يعكس التحول الدولي المتسارع نحو دعم السيادة المغربية على الصحراء.
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=46503