خطوط النواصر
تشهد منطقة سيدي عثمان بمدينة الدار البيضاء حالة من التوتر والجدل، عقب شروع جماعة المدينة في تنفيذ قرار ترحيل أسواق الجملة الكبرى إلى خارج العاصمة الاقتصادية، في إطار التحضير لإطلاق مشروع “كازابلانكا تك فالي” التكنولوجي الضخم.
القرار الذي شمل مرافق حيوية كمركز بيع الخضر والفواكه “مارشي كريو”، وسوق السمك، والذبح البلدي “البطوار”، قوبل بموجة من الغضب والاستياء في صفوف المهنيين والتجار، الذين اعتبروا الخطوة تهديداً مباشراً لأرزاقهم وضربة موجعة للفئات الهشة التي تعتمد على هذه الأسواق لتوفير حاجياتها اليومية بأسعار مناسبة.
ويرى مهنيون أن ترحيل هذه الأسواق نحو منطقة حد السوالم لا يُمثّل مجرد نقل جغرافي، بل تغييراً جوهرياً في البنية الاقتصادية والاجتماعية التي تأسست منذ عقود بسيدي عثمان. ويخشى المعنيون أن يؤدي بُعد الموقع الجديد وصعوبة التنقل إلى فقدانهم لجزء كبير من زبائنهم، مع احتمال ارتفاع الأسعار نتيجة تزايد تكاليف النقل والتخزين، ما قد ينعكس سلباً على القدرة الشرائية لساكنة الأحياء الشعبية المجاورة.
وفي خضم هذا النقاش، يبرز مشروع “كازابلانكا تك فالي” بوصفه محوراً رئيسياً في مستقبل المدينة. المشروع، الذي يتم إنجازه بشراكة بين جماعة الدار البيضاء وصندوق الإيداع والتدبير، يطمح إلى تحويل سيدي عثمان إلى قطب تكنولوجي رائد على المستوى الإفريقي، مع توقعات بخلق أكثر من 20 ألف فرصة شغل في مجالات الابتكار والصناعات الذكية.
ورغم طموحات المشروع، اصطدمت الاتفاقية المُبرمة مع اعتراضات قوية من داخل المجلس الجماعي، خاصة من طرف المعارضة، التي اعتبرت أن طريقة تفويت العقار المخصص للمشروع “مجحفة”، إذ تم تحديد كراء المتر المربع بمبلغ لا يتجاوز 70 درهماً سنوياً، ما وُصف بـ”إهدار للمال العام” من قبل بعض المستشارين، وعلى رأسهم مصطفى الحيا، عن حزب العدالة والتنمية.
وفي المقابل، أكدت نبيلة الرميلي، رئيسة جماعة الدار البيضاء، أن المشروع يُشكل قاطرة أساسية نحو تنمية حضرية جديدة تتماشى مع الرؤية الوطنية لتحويل المدينة إلى منصة رقمية إفريقية.
ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن السلطات من التوفيق بين متطلبات التنمية الحضرية وتوفير بدائل عملية للتجار والمهنيين؟ أم أن مشروع “كازابلانكا تك فالي” سيفتح باباً لأزمة اجتماعية جديدة تهدد استقرار فئات واسعة من الساكنة؟
الأسابيع المقبلة كفيلة بكشف مسار هذا التحول الحضري ومدى قدرته على التوفيق بين الطموح التنموي والعدالة المجالية.
المصدر : https://www.microtv.ma/?p=45128